حديقة الحريه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حديقة الحريه

منتدا ثقا في علمي ادبي رياضي


4 مشترك

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    avatar
    صمود


    عدد المساهمات : 8
    عضو ذهبي : 20
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس Empty الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    مُساهمة  صمود الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 3:42 pm

    أبو الطيب الرُّندي :

    هو شاعر الأندلس وأديبها في زمانه ، وصاحب مرثيتها المشهورة ، صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن على بن شريف النِّفري الرُّندي ، نسبةً إلى رُنْدَة إحدى مدن الأندلس الواقعة في الجزء الجنوبي من الأندلس – أسبانيا اليوم –

    وأما عن كنبته فقد أُختلف فيها فعند لسان الدين بن الخطيب في كتابه " الإحاطة في أخبار غرناطة " أبو الطيب ، وعند المُقرّي في " نفح الطيب " أبو البقاء وبها اشتهر ، إلاَّ أن الأرجح والصحيح أن كنيته " أبو الطيب " لقُرب زمان لسان الدين بن الخطيب منه ، وذلك أن أبي الطيب من وفيات سنة ( 684 هـ ) ، ولسان الدين من وفيات سنة ( 776 هـ) ،

    شعره :

    وأما شعره فكان أبو الطيب من أفاضل العلماء بالأندلس ، ومن شعرائها له قصائد طنانة ونظم رائق في وصف العقل ، و البحر ، وغير ذلك تدل على رفيع أدبه ، وجزالة شعره منها قوله في وصف الجيش ، وأبطال المسلمين ، وذل الكفر ، والكافرين :

    وكتيبة بالدَّارعين كثيفة * * * جرَّت ذيول الجحفل الجرار
    روضُ المنايا بينها القُضُب التي * * * زُفَّت بها الرَّايات كالأَزهار
    فيها الكُماة بنو الكُماة كأَنهم * * * أُسد الشَّرى بين القنا الخَطّار
    مُتهلِّلين لدى اللِّقاء كأَنهم * * * خُلِقت وجوههم من الأَقمار
    من كلِّ ليثٍ فوق برقٍ * * * خاطف بيمينه قدرٌ من الأَقدار
    من كلِّ ماضٍ قد تقلَّد مثله * * * فيصُيبَّ آجالاً على الأَعمار
    لبسوا القلوب على الدروع * * * وأَسرعـوا لأكفِّهم ناراً لأهل النار
    وتقدموا ولهم على أعدائهم * * * حُنقُ العِدا وحميَّةُ الأنصار
    فارتاع ناقوس بخلع لِسانه * * * وبكى الصَّليب لِذلَّة الكفار
    ثم انثنوا عنه وعن عُبّادهِ * * * وقد اْصبحوا خبراً من الأخبار


    وله شعر جميل في وصف العقل ، والغربة في ثلاثة أبيات :

    ما أحسن العقل وآثاره * * * لو لازم الإنسان إيثارهُ
    يصون بالعقل الفتى نفسه * * * كما يصون الحر أسرارهُ
    لاسيما إن كان في غُربةٍ * * * يحتاج أن يُعرف مقدارُه



    وله في المحاكمة بين السيف ، والقلم وهما مما اختلف بينهما الأُدباء قديماً ، ويبدو من خلال أبياته انه يرجح التساوي فقال :

    تفاخر السيف فيما قيل والقلم * * * والفضل بينهم لاشك منفهمُ
    كلاهما شرَّف الله درَّهُما * * * وحبَّذا الخُطّتان الحُكم والحَكمُ


    وقال في أخوة السوء ، والصحبة المزيفة التي تتلاشى عند الحاجة ولا تدوم عند النائبات ، - وهذا حال الحب في غير الله -

    ليس الأُخوةٍ باللسان أُخُوَّة * * * فإذا تُراد أخوَّتي لا تنفعُ
    لا أنت في الدنيا تُفرج كربة * * * عنِّي ولا يوم القيامة تشفعُ

    و لا شك أن مرثية أبي الطيب في الأندلس من أجمل ما قيل في رثاء بلاد المسلمين ، وهي في الحقيقة لا تعني فقط الأندلس بعينها - وإن كانت أبياتها تذكر معالم الأندلس – ، بل تعني كل بلد من بلاد المسلمين سُلبت من بين أيدي أهلها ، كما حدث لكثير من البلاد الإسلامية التي استولى عليها النصارى ، مثل جزيرة صقلية التي فتحت في أيام الدولة العباسية ، على يد القاضي أسد بن الفرات – رحمه الله - ، وبقي الإسلام فيها مدة إلى أن تغلب النصارى عليها ، أو البلاد التي كانت تحت حكم الدولة العثمانية أيام خلافتها مثل دول البلقان وما جاورها ، وكل هذا حصل لما غيّر الناس وبدلوا في دين الله بأهوائهم ، واشتغلوا بالملذات ، وللهو وهذا أيضاً ما قالهُ واعترف به ابن الكموني أبو الحسن علي بن عبد الجبار الكاتب ، في سبب فقدان صقلية حينما رثاها

    قد كانت الدار وكنا بها * * * في ظل عيش ناعم رطبِ
    مدّ عليها الأمن أستارهُ * * * فسار ذكرها مع الركبِ
    لم يشكروا نعمة ما خُوِّلُوا * * * فبُدِّلُوا المِلح من العذبِ

    وصدق الله تعالى القائل : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم }[ الرعد / 11 ] .

    والمتأمل لقصيدة أبي الطيب الرندي يتضح له أنها قصيدة ملحمية تمثل المرحلة التاريخية التي عاشها أهل الأندلس خير تمثيل ، وإن كان في الحقيقة سقوط الأندلس ، خبرها مدوياً في الأمة الإسلامية ومزعجاً ، فهي التي كانت تنتظر نصراً موزراً ، وفتحاً مبيناً إذا بها تتجرع كأس الهزيمة ، وفقد الأندلس بعد أن بقي الإسلام فيها قرون طويلة منذ أن فُتحت على يد طارق بن زياد ، وموسى بن نصير - رحمهم الله - سنة ( 92 هـ ) إلى أن حل بها ما حل .


    ولم يبقى الآن إلا أن نستعرض أبيات المرثية ونبقى مع الرندي في نونيته فيقول :

    لكل شيء إذا ماتم نقصانُ * * * فلا يُغرُّ بطِيب العـيشِ إنسـانُ
    هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * * * من سره زمن ساءتهُ أزمــانُ
    وهذه الدار لا تُبقي على أحد * * * ولا يدوم على حالٍ لهـا شــانُ
    تُمزق الدهر حتماً كل سابغةٍ * * * إذا نبت مشرفيـّاتٌ وخُرصـانُ
    وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ * * * كان ابن ذي يزَن والغمدَ غمدانُ
    أين الملوك ذوي التيجانِ من يمنٍ * * * وأين منهم أكليــلٌ وتيجانُ ؟
    وأين ما شادهُ شدادُ في إرمٍ * * * وأين ما ساسهُ في الفُـرسِ ساسانُ ؟
    وأين ما حازه قارُونُ من ذهبٍ * * * وأين عادٌ وشـدادٌ وقحطـانُ ؟
    أتى على الكُلِّ أمرٍ لا مردّ َلهُ * * * حتى قضوا فكأنَّ القوم ما كانُـوا
    وصار ما كان من مُلكٍ ومن مَلكٍِِِ * * *كما حكى عن خيالِ الطّيفِ وسنانُ
    دارَ الزّمانُ على دارا وقاتلـهِ * * * وأمَّ كسـرى فمـا آواه إيـوانُ
    كأنما الصعبُ لم يسهُل لهُ سببُ * * * يوماً ولا مَلكَ الدُّنيـا سُليمـانُ
    فجائعُ الدَّهر أنـواعٌ مُنوَّعـةٌ * * * ولِلزمـانِ مسـرَّاتٌ وأحــزانُ
    وللحوادثِ سلـوَانٌ يُسهلُهـا * * * وما لما حـلَّ بالإسـلام سُلـوانُ
    دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * * * هوى لـه أُحدٌ وأنهد ثهـلانُ
    أصابها العينُ في الإسلام فارتَزأت * * * حتى خلَت منه أقطار وبُلـدانُ
    فأسأل بلنسية ما شأنُ مُرسيةً * * * وأيـن شاطبـة أم أيـن جيـَّـانُ
    وأين قرطبةٌ دار العلوم فكـم * * * من عالـمٍ قد سمـا فيها له شـانُ
    وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ * * * ونهرهُا العذبُ فياضٌ وملآنُ
    قواعدٌ كنَّ أركان البلاد فمـا * * * عسى البقاءُ إذا لـم تبـق أركـانُ
    تبكي الحنفية البيضاء من أسفٍ * * * كما بكى لفراق الإلـف هيمـانُ
    على ديار من الإسلام خاليـة * * * قد أقفرت ولها بالكفـر عُمـرانُ
    حيث المساجد قد صارت كنائس ما * * * فيهنَّ إلا نواقيـسٌ و صلبانُ
    حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * * * حتى المنابرُ تبكي وهي عيدانُ
    يا غافلاً وله في الدهر موعضةٌ * * * إن كنت في سِنةٍ فالدهرُ يقضانُ
    وماشياً مرحاً يلهيـه موطنـهُ * * * أبعد حمصٍ تغرُّ المـرء أوطـانُ
    تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمهـا * * * وما لها من طول الدهرِ نسيـانُ
    يا راكبين عِتاق الخيل ضامرةً * * * كأنها في مجال السبـقِ عقبـانُ
    وحاملين سيُوف الهندِ مرهفـةُ * * * كأنها في ظلام النقـع نيـرانُ
    وراتعين وراء البحر في دعـةٍ * * * لهم بأوطانهم عـزٌّ وسلطـانُ
    أعندكم نبأ من أهل أندلـسٍ * * * فقد سرى بحديثِ القوم رُكبـانُ ؟
    كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * * * قتلى وأسرى فما يهتز إنسانُ ؟
    ماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * * * وأنتم يا عبـاد اللـه إخـوانُ ؟
    ألا نفوسٌ أبياتٌ لهـا هِــممٌ * * * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعـوانُ
    يا من لذلة قومٍ بعد عزِّهــمُ * * * أحـال حالهـمْ جـورُ وطُغيانُ
    بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم * * * واليوم هم في بلاد الكفرِّ عبدانُ !
    فلو تراهم حيارى لا دليل لهـمْ * * * عليهمُ من ثيابِ الـذلِ ألـوانُ
    يا ربَّ أمّ وطفل حيل بينهمـا * * * كمـا تفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
    وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت * * * كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
    يقودها العِلجُ للمكروه مُكرهةً * * * والعينُ باكيةُ والقلب حيرانُ
    لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ * * * إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ


    قال المقري : " انتهت القصيدة الفريدة ويوجد بأيدي الناس زيادات فيها ذكر غرناطة ، وبسطة ، وغيرهما مما أخد من البلاد بعد موت صالح بن شريف ، وما اعتمدته منها نقلته من خط من يوثق به على ما كتبته ، ومن له أدنى ذوق علم أن ما يزيدون فيها من الأبيات ليست تقاربها في البلاغة ، وغالب ظني أن تلك الزيادة لما أخذت غرناطة وجميع بلاد الأندلس ، إذ كان أهلها يستنهضون هِمم الملوك بالمشرق ، والمغرب فكأن بعضهم لما أعجبته قصيدة صالح بن شريف زاد فيها تلك الزيادات .

    توفي أبو الطيب الرُّندي – رحمه الله - سنة أربع وثمانين وستمائة ( 684) للهجرة النبوية الشريفة .[center]
    عبدالله الريس
    عبدالله الريس
    Admin


    عدد المساهمات : 107
    عضو ذهبي : 796
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009
    الموقع : باريس

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس Empty رد: الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    مُساهمة  عبدالله الريس الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 3:55 pm

    مشكور على هلجهدقصاءدراءعه
    عبدالله الريس
    عبدالله الريس
    Admin


    عدد المساهمات : 107
    عضو ذهبي : 796
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009
    الموقع : باريس

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس Empty رد: الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    مُساهمة  عبدالله الريس الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 3:57 pm

    نأمل ان تتحفنابمواضيع أخراراْعه
    ابوحمد
    ابوحمد
    Admin


    عدد المساهمات : 80
    عضو ذهبي : 2975
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009
    الموقع : بريده

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس Empty رد: الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    مُساهمة  ابوحمد الأربعاء ديسمبر 16, 2009 5:20 am

    مشكوار جزاك الله خير
    المرابط
    المرابط


    عدد المساهمات : 96
    عضو ذهبي : 2066
    تاريخ التسجيل : 20/12/2009
    العمر : 35
    الموقع : جزيرة العرب

    الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس Empty رد: الرندى ... وملحمة الاسلام في الاندلس

    مُساهمة  المرابط الأحد ديسمبر 20, 2009 3:10 am

    مشكور أخي صمود جزاك الله خيرا ونفع بك ... ننتظر المزيد

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 12:11 pm